الجمال
الجمال شيء نسبيّ، فما نراه جميلاً يراه غيرنا قبيحاً، ومن نرى فيه صفات الجمال الكليّة، يعتبره غيرنا عاديّاً، ولا يحمل أبداً صفات الجاذبيّة؛ فكل عين لها نظرة في جمال الأشياء، سواء كانت هذه النظرة للبشر، أو الطبيعة، أو الحيوانات، أو لأي شيء نراه حولنا.
تتفاوت آراء الناس في نظرتهم للمرأة الجميلة؛ فاختلف تقييم الشعوب لها؛ فمنهم من يرى جمال المرأة في وداعتها، ونعومتها في شكلها، وتصرفاتها، ومنهم من يرى الجمال في لون بشرتها؛ إن كانت بيضاء، أو سمراء، أو حنطية؛ ففي اليابان مثلاً يَرَوْن صِفات الجمال في المرأة ناعمة الملامح، هادئة الصوت، صغيرة القدمين، متخايلة المشية، أمّا شعوب الأسكيمو، والهنود الحُمر فيعتبرون المَرأة جَميلة من رائحتها، فإن فاحت روائح عطرية من شعرها، وفَمها كان ذلك لديهم معيار جمالٍ حقيقيّ.
يعتبر المصريّون القدماء أنّ جمال العيون أكثر ما يُبرز جمال المرأة من غيرها، لذلك حرصوا على صناعة أجود أنواع الكحل؛ ظناً منهم أنّه يزيد شكل المرأة جمالاً، وجاذبيّة؛ فكليوبترا لم تكن طويلةً بما يكفي إلّا أنّها ما زالت تُشكّل إلى الآن رمزاً للجمال، والأنوثة الطاغية.
صفات المرأة الجميلة عند الأفارقة
ترى بعض القبائل في إفريقيا جمال المرأة في سواد بشرتها؛ فاللون الأسود الداكن يدلّ على أصالة وصفاء عرقها؛ فيزداد مهر المرأة عندهم على هذا الأساس، ولا يُشكّل طول الشّعر عندهم علامةً للجمال أبداً، لذا كانوا يحرصون على حلاقة شعر فتياتهم تماماً، وتُعجبهم المرأة السمينة، ممتلئة الجسم؛ فهم َيرون فيها خصوبةً، وأنوثةً جذّابة، أمّا في جنوب السودان، وعند بعض القبائل الكبيرة يشقّون جسم الفتاة بشقوقٍ صغيرة عند ولادتها، اعتقاداً منهم أنّ المرأة غير المخمَشة ناقصة الأنوثة ولا تصلح للزواج.
صفات المرأة الجميلة عند العرب
كانت للعَرب نظرتهم الخاصّة للمرأة الجميلة، فوصف شِعرهم المرأة البدينة بالمرأة الفاتنة، وكانوا يُطلقون على المرأة الممتلئة اسم الخديجة، والعبلاء، ومعناه: المرأة التي تتصف بضيق المنكبين، وكثيبة الفخذين، وكانوا يكرهون المرأة النحيفة، الزلاء، ويتعوّذون من رؤيتها. أنشد العرب في وصف المرأة السمينة شِعراً، فقالوا:
أعوذ بالله من زلاء ضاوية
كأن ثَوبيها عُلقاً على عود
كما أردف شعراء العرب وصف المرأة البدينة بلقب خرساء الأساور، ذلك لأنّ البدانة عندما تصل إلى الرسغ تمنع من ارتطام الأساور مع بعضها إلى الرسغ فتصبح خرساء؛ إذاً، فعين العربيّ رأت جمال المرأة في وزنها، وشكل جسمها البدين، وهذا مُغاير تماماً لمواصفات المرأة الآن؛ إذ صارت المرأة نحيلة الجسم، طويلة الشَّعر، ذاتُ الخصر المنحوت، هي المرأة الجميلة في زماننا هذا.